تحذير من كارثة في البصرة.. المد الملحي “يخنق” شط العرب

تشهد محافظة البصرة، أزمة كبيرة بتفاقم ملوحة شط العرب ليزيد من تأزم الأوضاع في المحافظة، فمع تصاعد نسبة الملوحة إلى أكثر من 65 بالمئة متجاوزة المواصفات المسموح بها لمياه الاستخدام أو مياه الشرب، كما في قضاء القرنة أو منطقة السيبة أو سيحان، حذر مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة، اليوم السبت، من خطر داهم يهدد شط العرب، بسبب الإهمال الحكومي المتواصل وارتفاع نسبة الملوحة، داعيا سلطات العراق المركزية والمحلية بإعادة النظر في سياساتها تجاه المحافظة، قبل الخوض في “الماراثون الانتخابي المتكرر”، الأمر الذي ينذر بأزمة وشيكة تحيط بالمحافظة إذ استمر الأمر على ماهو عليه.
وقال المكتب في بيان ورد لـ”كربلاء بوست”، إن “معدلات مرتفعة من الملوحة تهدد الثروتين الزراعية والسمكية، وسط غياب شبه تام للتوزيع العادل للمياه، ولا سيما على نهر الفرات، وتدهور متسارع في نهر دجلة، ما يضع شط العرب أمام “خطر داهم”.
وأشار إلى أن “الملوثات الوافدة من المحافظات الأخرى ومن داخل البصرة نفسها تزيد الوضع سوءاً، في ظل غياب متواصل لمشروع تحلية المياه والمحطة العملاقة التي طُرحت قبل أكثر من 6 سنوات، والتي كان من شأنها أن تضع البصرة في صدارة المحافظات من حيث توفر المياه العذبة”.
وأضاف المكتب أن “استمرار الإهمال لملف تلوث المياه، مع تحديات المطالبة بتقسيم البصرة وملفات اجتماعية أخرى لا تقل خطورة، وعلى رأسها تفشي الحركات المنحرفة والمخدرات، يستدعي وقفة جادة”.
وطالب مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة، سلطات العراق المركزية والمحلية بإعادة النظر في سياساتها تجاه المحافظة، قبل الخوض في “الماراثون الانتخابي المتكرر”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتم بها المطالبة بتحويل قضاء الزبير إلى محافظة التي تتبع إدارياً محافظة البصرة الغنية بالنفط أقصى جنوبي العراق، حيث طالب مسؤولون محليون وناشطون في القضاء قبل أكثر من عقد من الزمن بذلك، وهددوا باللجوء الى المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في البلاد) في حال عدم الاستجابة لهم.
وعزا النواب الموقعون السبب في تقديم طلبهم هذا إلى مطابقة الزبير للمتطلبات الإدارية كافة، وكون عدد سكان القضاء قد تجاوز مليون و400 ألف نسمة، ولوجود موارد نفطية وزراعية، ومنافذ حدودية وموانئ، وشركات صناعية، وكبر مساحته، والموقع الجغرافي الذي يتميز به القضاء.
لكن محافظ البصرة أسعد العيداني، رفض في حينها المطلب البرلماني تحويل قضاء الزبير إلى محافظة مستقلة، معتبراً أن الإمام علي “أراد البصرة موحدة قوية”.
وتتنوع المشاكل في شط العرب، بين اللسان الملحي، والمياه الثقيلة، والمخلفات الطبية، والمخلفات التي يتركها الناس على ضفافه.
وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية، يجب ألا تزيد نسبة الملوحة في مياه الشرب عن 500 درجة من مقياس TDS، في حين تتعدّى الملوحة في البصرة أضعاف هذا الرقم وتجاوزت الألف درجة، وبحسب المراقبين والمختصين، وصلت نسبة ملوحة شط العرب إلى 65% ، وما تبقى أصبح غير صالحاً للاستخدام البشري والحيواني.
ويمر شط العرب على طول 200 كيلومتر بمحافظة البصرة جنوبي العراق، وان انخفاض مستوى مياه الشط أدى الى امتداد مياه الخليج العربي المالح اليه، ما زاد من نسبة الملوحة فيه لدرجة عالية، ما دفع سكان المحافظة الى ترك مياه الانابيب وشراء المياه المعدنية المعبأة في القناني لغرض الشرب.
وسجل مربو الأسماك بناحية السيبة جنوبي البصرة، خلال العامين الماضيين نفوق كميات كبيرة من الأسماك في أكثر من 25 بحيرة بسبب ارتفاع اللسان الملحي، فيما كشف متخصصون في حينها أن قراءة نسبة الملوحة بالأنهر المغذية للأحواض تجاوزت (18 ألف T.D.S)، وهي نسبة مميتة ومن المستحيل أن تتم الزراعة فيها، بحسب كلامهم.
يشار إلى أن العراق فقد 70 بالمئة من حصصه المائية بسبب سياسة دول الجوار، وأن الانخفاض الحاصل بالحصص المائية في بعض المحافظات الجنوبية عائد إلى قلة الإيرادات المائية الواردة إلى سد الموصل على دجلة وسد حديثة على الفرات من تركيا، بحسب بيان سابق لوزارة الموارد المائية أيضاً.
إرسال التعليق